البشر بطبعهم كائنات اجتماعية، فهم يسعون دوماً لاكتساب المعارف والصداقات لمشاركة أوقاتهم سوياً أو عند الحاجة إلى المساعدة أو المشورة، فإنهم يلجؤون إلى بعضهم. حتى في السراء أو الضراء، مشاركة الأفكار والمشاكل مع شخص آخر تعمل على زيادة الفرح أو البهجة أو التخفيف على بعضهم في الأوقات السيئة.
يقول البعض بأن التقدم التقني قد أحدث فجوة بين الناس وحطم هذه الروابط الاجتماعية التي كانت ضرورية في يوم من الأيام، حيث تقول الأستاذة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا شيري توركل : "نحن نفقد الأسس الفطرية للإنسان وهي أن نكون بجانب بعضنا البعض." ومع ذلك، يدعي آخرون أن التكنولوجيا والإنترنت لم يدمروا التفاعل الاجتماعي ولكنهاا قامت بتبسيطه للناس، وخلق طرق وفرص جديدة ومثيرة للتفاعل والتواصل.
يمكن أن تكون هذه وجهة نظر مثيرة للاهتمام وواعدة بشكل خاص للمسوقين الرقميين، وتتيح طرقاً جديدة للاستفادة من الديناميكيات الاجتماعية لتوصيل الرسالة بشكل أكثر فعالية من أي وقت مضى؛ لهذا سوف نكتشف اليوم كيف يمكن للمسوقين استخدام علم النفس الاجتماعي في التسويق.
يمكن توظيف 5 طرق رئيسية يستخدمها متخصصون علم النفس الاجتماعي في التسويق كالتالي
التفكير الجماعي
بالتأكيد أنك قد سمعت مثل هذه الأراء من قبل، حيث تسمع بعض الناس يقولون: "إذا كان الجميع يقوم بهذا الأمر، لذا يجب أن يكون جيداً"، أو "جميع من أعرفهم يمتلكون واحداً، لذلك أريد واحداً أيضاً." تبدو هذه الجمل مضحكة عند كتابتها على هذا النحو، ولكن الحقيقة هي أن معظم الناس يقعون ضحية للتفكير الجماعي، قال دانيال ريتشاردسون من جامعة كوليدج لندن: "عندما يتفاعل الناس، ينتهي بهم الأمر بالاتفاق، ويتخذون قرارات أسوأ، فهم لا يشاركون المعلومات، بل يتشاركون التحيزات."
هذا لا يعني أن جهات التسويق يجب أن تكون مخادعة وتستغل أخطاء الناس، ولكنها تقدم فرصة مثيرة للاهتمام لتسخير التفكير الجماعي من أجل جعل المنتجات أكثر جاذبية للمستهلكين، هذا يعني أن هناك إمكانية كبيرة لجعل ما تبيعه جذاباً للمستهلكين، تعد المراجعات والشهادات بمثابة الخبز والزبدة لإظهار هذه الموافقة الاجتماعية والتي تعتمد على التفكير الجماعي، ومن المفاجئ أن هناك عدد من المتاجر الإلكترونية التي لا تزال تتجاهل استخدامه ميزة المراجعات والإشادة بمنتجاتها، في الجانب الآخر بدأت منصات كثيرة للتجارة الألكترونية في تخصيص صفحات كاملة للمراجعات فقط لإظهار سعادة و إعجاب العملاء بعلاماتهم التجارية.
الثقة
وجدت دراسة أجرتها منصة هارفارد بزنس ريفيو أن العملاء المحالين -referred- "أكثر ولاءً وقيمة من العملاء الآخرين"، وبالنسبة للكثيرين، فإن هذا الأمر يعتبر منطقياً لأنك عادةً ما تطلب من أصدقائك النصيحة عندما تخطط لشراء شيء ما، سواء كان هاتفاً أو أي منتج/ خدمة أخرى، لأنك تثق في أنهم يهتمون بك وسيقدمون لك النصائح السليمة، وهذا يعني أن الإحالات لديها إمكانات قوية للغاية ليس فقط عندما يتعلق الأمر بمعدل التحويل، والذي يرتفع عندما تتم إحالة شخص ما إلى منتجك/خدمتك، ولكن أيضاً لزيادة الولاء و الربح.
يؤكد واحد من كل ثلاثة أشخاص بأن وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر على عاداتهم الشرائية، فلماذا لا تقويها أكثر وتخرج بحملات ممتعة وقابلة للمشاركة؟ تشير الأدلة التي تم جمعها من الحملات السابقة إلى أن برامج الإحالة الأكثر فاعلية، هي التي تكافئ الطرفين، ( هنا نعرض لكم دراسة حالة حول كيفية قيام Dropbox بجذب 4 ملايين مستخدم في 15 شهراً).
السلطة
بدءًا من اختبار ملغرام الشهير وحتى البيانات التحليلية التي تم جمعها بواسطة مواقع الويب، تم إثبات أن السلطة محرك قوي للغاية لأفعال الأشخاص، يميل الناس إلى تصديق أولئك الذين يعتبرونهم خبراء في موضوع معين وعندما يكونون غير متأكدين، فإنهم يبحثون عن هؤلاء الخبراء عن طيب خاطر للحصول على نصائحهم.
في التسويق الرقمي، ربما لن يكون لديك إعلان يحتوي على بعض العبارات المشهورة القديمة التي تبدأ بـ "يعتقد 9 من أصل 10 أطباء أسنان"، ولكن لا يزال بإمكانك استخدام إمكانات السلطة للتأثير على مواقف المشتري وإجراءاته.
يمكن إنشاء السلطة بطرق متعددة وبعضها يرتبط بالموضوعات الأخرى في هذه المقالة مثل الإحالات، الحصول على إحالة يضعك تلقائياً في موقع سلطة لأن الناس يعتقدون أنهم دائماً ما تتم إحالتهم إلى شخصيات ذات سلطة أو خبرة. ومع ذلك، يمكنك أيضاً الاستفادة من مراكز وسلطة الآخرين من خلال جذب الشخصيات البارزة للمساهمة في استراتيجية تسويق المحتوى الخاصة بك، سواء من خلال المدونات الخاصة بهم أو التسويق عبر الفيديو.
الهدايا
يعتبر تقديم الهدايا تقليداً قديماً قدم الزمن، ولا يمكن إنكار فوائده في بناء العلاقات، تخلق الهدايا رابطة ودية بين المانح والمتلقي، قد تجد الشركات أحياناً صعوبة في تقديم شيء ما مجاناً عند محاولة تلبية توقعاتها وأهدافها، ولكن فهم الديناميكيات الاجتماعية والنفسية للهدايا يمكن أن يكون مصدراً كبيرًا لكسب المزيد من المال، ولا يجب أن يكون مكلفاً .
يمكن القول إن الاتجاه السائد لتسويق المحتوى يعتمد على تقديم الهدايا، فهو يتضمن وضع معلومات للمستخدمين للعثور عليها واستخدامها، وهم بدورهم قد يتعاملون معك في المستقبل. لذلك، يجد المسوقون الرقميون أن الطريقة الأكثر سهولة لتقديم الهدايا للعملاء المحتملين هي من خلال تقديم موارد عالية الجودة مثل منشورات المدونات أو الكتب الإلكترونية.
تصبح الأمور مثيرة للاهتمام عندما تنظر إلى نتائج دراسة أجريت في جامعة تورنتو والتي تقول إعطاء المستخدمين التجربة التي يفضلونها هي هدايا أكثر فاعلية بكثير من الهدايا المادية، هذا يعني أن هناك خيارات لا حصر لها للمسوقين لمنح جمهورهم تجارب ممتازة.
الخوف
هذا القسم يدور حول شيء يواجهه الجميع تقريباً بشكل متكرر، وهو الخوف من تفويت منتج أو شيء ما واختصاره باللغة الإنجلزية هو FOMO ويعني Fear of missing out.
FOMO هو الشعور بعدم الارتياح الذي يشعر به الأشخاص عندما يعتقدون أنهم يفقدون شيئاً قد فات الأوان الحصول عليه، بينما قام الكثيرون بشراءه أو اقتناءه.
الخوف من تفويت منتج أو شيء ما هو ما يجعل الناس ينتظرون في الطابور لمدة ثلاثة أيام أمام متجر Apple وما يجعلك تشعر بعدم الارتياح عندما يتحدث أصدقاؤك عن تجمعهم للحصول على منتج ما ولكن عليك تفويت هذا الموعد بسبب ارتباط آخر.
يمكن للمسوقين الرقميين استخدام هذا المفهوم للتأثير على قرارات المشتري من خلال إبقائهم على اتصال بالمحتوى من خلال الخوف من تفويته. يمكن القيام بذلك من خلال محتوى محدود التوفر مثل البث المباشر أو العروض، من خلال تحديثات متسقة يتم جدولتها بانتظام ويمكن توقعها، و أيضاً من خلال المحتوى الذي ينشئه المستخدم والذي يسهل مشاركته على وسائل التواصل الاجتماعي، من المهم فقط ألا تصعب على المستخدمين إعادة شراء منتجك أو الاشتراك في خدمتك في حالة تفويت أحدهم للموعد المحدد.
في النهاية
في حين أن معظم المسوقين قد قاموا بإستخدام هذه الطرق في الماضي، فمن المفيد أن نفهم سبب تأطيرها بهذه الطريقة ومن الآليات التي تستمد فعاليتها منها.
إذا عدنا إلى مصدرها وفهمنا سبب نجاح هذه الأساليب، فإنها لا تسمح لنا فقط ببذل جهودنا بشكل أكثر فاعلية ولكنها تفتح الأبواب لمجموعة جديدة كاملة من القنوات والاستراتيجيات التي يمكن أن تساعدك في الإنتشار ورفع هامش الربح.
اقرأ المزيد حول التسويق: